الوشم الهندوسي على وجوه النساء.. تقليد يختفي بصمت في باكستان (صور)

الوشم الهندوسي على وجوه النساء.. تقليد يختفي بصمت في باكستان (صور)
رسم الوشم الهندوسي

يشهد إقليم السند الجنوبي في باكستان تراجعاً ملحوظاً لتقليد الوشم الذي مارسته النساء الهندوسيات منذ قرون، حيث كانت النقاط والدوائر والزخارف الهندسية على الوجوه والأذرع والأيدي تمثل علامة فارقة في هوية هذه الأقلية.

وذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء، أنّ الممارسة القديمة التي ارتبطت بتراث حضارة وادي السند آخذة في الاندثار، في ظل انتقال العائلات الهندوسية إلى المدن، وتزايد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على أذواق الجيل الجديد.

بدأت القصة حين جلست باسران جوغي، وهي امرأة ستينية متخصصة في الوشم، لتحضر خليطاً من الفحم مع حليب الماعز وتغرز إبرتها في جبين طفلة صغيرة تدعى بوجا تبلغ ست سنوات، بينما كانت شقيقتها تشامبا، ذات الأعوام السبعة، تنتظر بحماس دورها.

أظهرت بوجا علامات الألم على وجهها، لكن الخطوط والنقاط التي رُسمت بدت وكأنها تعيد مشهداً مألوفاً لدى أجيال مضت من نساء القرى الهندوسية.

الوشم الهندوسي على وجوه النساء

جيل جديد يبتعد

أوضحت دورغا بريم، طالبة هندسة حاسوبية في العشرين من عمرها، أن هذه الوشوم كانت تمنح النساء تميزاً وسط الحشود، لكنها أضافت: "لم يعد جيلنا يحبها.. في زمن السوشيال ميديا، تتجنب الفتيات هذه العلامات على وجوههنّ لأنها تبدو مختلفة وغير جذابة".

ورفضت شقيقتها مومتا أن تحصل على وشم مشابه لذلك الذي يزين وجوه والدتهما وجدتيهما، معتبرة أنّ انتقال الأسرة إلى المدينة غيّر من تقاليدها.

وأكد الناشط الهندوسي في مجال الحقوق المدنية موكيش ميغور أنّ إجبار الفتيات على الاستمرار في هذه الممارسة لم يعد ممكناً، قائلاً: "إنه خيارهنّ، لكن للأسف ربما نكون الجيل الأخير الذي يرى هذه العلامات على وجوه النساء وأذرعهنّ".

وأشار إلى أنّ بعض الأحكام الإسلامية التي تحرّم الوشم ساهمت في زيادة الانتقادات والضغوط الاجتماعية على هذه الأقلية التي لا تتجاوز نسبتها 2% من سكان باكستان البالغ عددهم 255 مليون نسمة.

الوشم الهندوسي على وجوه النساء

جذور تاريخية عميقة

فسّر عالم الأنثروبولوجيا ذو الفقار علي كالهورو رمزية هذه العلامات قائلاً: "هذه الرموز جزء من ثقافة شعوب حضارة وادي السند خلال العصر البرونزي، وكانت تُستخدم تقليدياً لتمييز الأفراد وطرد الأرواح الشريرة".

ورغم غياب التفسير الواضح بين كثير من الهندوس المعاصرين، يبقى لهذه النقوش بعد روحي وتاريخي يتجاوز حدود الجمال الخارجي.

أبرزت شهادات نساء أن الوشم لم يكن مجرد زينة، بل أيضاً رابطاً عاطفياً يخلّد الذكريات. فقد أكدت جامنا كولهي، وهي سيدة أربعينية، أنها كلما نظرت إلى وشومها تذكرت صديقة طفولتها التي وشمتها ورحلت قبل سنوات، مضيفة: "إنها ذكرى تدوم مدى الحياة".

الوشم الهندوسي على وجوه الأطفال

نهاية محتملة لتقليد قديم

تدل المؤشرات على أنّ هذه الممارسة العريقة في طريقها للاندثار، خاصة مع صعود جيل جديد يفضل الاندماج في العالم الحديث بعيداً عن علامات قد تثير تمييزاً أو سخرية. 

ومع ذلك، يظل الوشم الهندوسي شاهداً على قرون من الثقافة الشعبية في السند، وصوتاً صامتاً يروي قصة النساء اللاتي تركن بصماتهنّ على وجوههنّ وذاكرة مجتمعهنّ.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية